المحور الرابع قضايا مصرية:  بين الوطن والأمة والعالم 

التفعيل هو مصداق التأصيل، وكما يتجلى ذلك ضمن المشروع الحضاري في الدوائر الكلية (الأمة والعالم)، وفي القضايا الكبرى كالتي اشتمل عليها الجزء السابق، فإن النزول به إلى قضايا الأوطان من الأهمية بمكان. ونظرًا لأن أعضاء مدرسة المنظور الحضاري المؤسسين كانوا مصريين، ومعظم جهودهم شهدتها القاهرة، فقد كانت مصر، ثم ما يحيط بها من أقطار عربية وإسلامية هي محل الاهتمام البؤري للبحوث والتقارير والدراسات التطبيقية. ونظرًا لمحورية حدث الثورة المصرية وثورات الربيع العربي في التاريخ الأخير، فإن دراسات القضايا الوطنية تتوزع بين ما قبل الثورات وما بعدها.

ففيما قبل الثورات اتسعت الاهتمامات لتعالج حالة العشوائية التي اكتسحت أوطاننا، وتتناول أوضاع المواطنة، ودعوات تجديد الخطاب الديني، والتعليم الديني، والتعليم العالي، والتربية المدنية، والحوارات الثقافية، والعلاقة بين الديني والمدني والسياسي، والإصلاح السياسي والتجدد الحضاري، .. وهكذا. فيما فتحت ساحة ما بعد الثورات المجال واسعًا لموضوعات أكثر ملامسة للحركة والواقع؛ متابعة للثورات نفسها، ودراسة لقضايا مثل العلاقات المدنية العسكرية، وإعادة بناء السياسة الخارجية، وقضايا الدستور والبرلمان والسجال الإسلامي- العلماني، وتفاعلات القوى السياسية والحزبية، وقضايا اقتصاديات ما بعد الثورة، وقضايا الثقافة، وتقدير المواقف متسارعة التغير والتوالي.

وإن دل هذا على شيء، فلربما يدل على إمكانات معرفية ومنهجية للبحث من منظور هذا المشروع، واستعداداته البحثية للتعامل مع الواقع بمختلف إشكالياته، وتناول تطوراته بطرائق علمية منظمة من جهة وتعزيز الحركة العامة والسياسية بالأفكار والرؤى والبرامج القابلة للتطبيق من ناحية أخرى.

أولا: الحالة المصرية

ثانيًا: الثورة المصرية: نظرة عامة