دراسات لمنظومات مفاهيمية تتصدر الساحة الفكرية والمعرفية، سواء في صورة مفاهيم نظرية أو سياسية أو إعلامية، أو قضايا تشغل الفضاء العام، وتشكل أجندة اهتمام الأمة والدول والمجتمعات. كثير من هذه المفاهيم لعبت أدوارًا خطيرة في واقعنا المعاصر: الداخلي والبيني والخارجي، فمنها على سبيل المثال ما كان من مفاهيم للغزو والهجوم الفكري التي دُفِع بها إلى بلادنا وحياتنا الثقافية لكي تفعل مفعول الأسلحة الفتاكة أو تفجر الثوابت أو تفخخ المناهج أو تلتف على أركان الهوية والمرجعية والقيم (التحديث- المعاصرة- العلمانية- الوطنية القطرية- القومية العلمانية- تطور الأديان- العولمة..).. ومنها مفاهيم جرثومية أو أشبه بالفيروسات التي غايتها أن تسمم الأجواء وتخلط الأوراق وتوقد للحرب الفكرية نارًا لا تخمد (الأقليات- الطائفية- الدولة الدينية– التربية المدنية- ..).. ومنها مفاهيم أصيلة تم استهدافها بالتحريف والتشويه والشيطنة وربطها بمفاهيم أخرى ليست من جلدتها ولا من عائلتها (التراث، الأصالة والتأصيل، الأمة، الخلافة، عالمية الإسلام، التجديد الحضاري، الجهاد، المقاومة، النصرة،…).

ولعل المزية الأساسية في المنهجية النقدية والبنائية للتعامل مع المفاهيم ضمن المشروع الحضاري ومن زاوية المنظور المقارن، الوصل بين النظر والعمل، وبين الفكر والواقع، في تناول المفاهيم، والتنبه المبكر إلى أن المفاهيم لم تعد كلمات تتناقلها الألسنة وتعالجها الأذهان فقط، بقدر ما هي أبنية تشيد على الأرض، وأوعية تنقل المنتج الحضاري إن خيرًا وإن شرًّا. ولعل فيما يلي من دراسات نماذج لا تغطي الجهد كله، ولكنها تعبر عن محاولات عسى أن تعين في تشييد منهاج مفاهيمي أصيل وفعال.